الخبير مغربي
نظرة في قرارات مجلس الأمن حول الصحراء
مميزات القرار الأخير 2152 لمجلس الأمن ومضمونه
تفاعل الأطراف مع قرار مجلس الأمن 2152
المغرب: والحكم الذاتي
مجلس الأمن في قراره الأخير 2152
إسبانيا: مقعد مجلس الأمن المشؤوم في أبريل الوعد والوعيد
فرنسا: تاريخ حلف وصداقة متينة تهزه شكاية أمام القضاء
الاتحاد الأوروبي: وحدة السياسة الخارجية وسط خليط غير متجانس من السياسات
روسيا والصين: كوابح قوية تحول دون اكتمال المغرب لخطة تنوع علاقاته
الاتحاد الافريقي: وقضية الصحراء
الجزائر: ومسؤولياتها
موريتانيا: والصحراء تحالف المستقبل
الجمعيات الحقوقية: حماية حقوق الإنسان أو خدمة أجندة سياسية
اعتاد الأمين العام للأمم المتحدة منذ مصادقة مجلس الأمن في جلسة 2984 على القرار 690 وتاريخ 29 ابريل 1991 وتنفيذا للمادة السادسة منه اطلاع المجلس بانتظام على الحالة في الصحراء، و اتخذ مجلس الأمن، وعلى ضوء تقارير أمين عامه 43 قرارا، من ذلك التاريخ إلى غاية آخر قرار 2152 بتاريخ 29 ابريل 2014
ويختلف موضوع القرارات تبعا لاختلاف الخطط المطروحة ومحاولات إيجاد صيغة للتوفيق بين الأطراف بشأنها وبروز مواقف ومبادرات جديدة لدى الأطراف والمبعوث الشخصي، لكنها تتفق دائما مع توصية بتنفيذ مهام المينورسو
ويمكن استنباط مدى اهتمام المجتمع الدولي بالنزاع وتأثير قضايا إقليمية أو دولية على زيادة أو نقصان تلك العناية اعتمادا على كم وعدد القرارات الصادرة عنه عن كل حقبة، وهكذا فان السنوات مابين 1991 و1998، تعتبر سنوات عقم وعجاف، وتصادف حرب النظام الجزائري مع الإسلاميين كما يصادف حرب الخليج الأولى. بينما الحقبة الثانية عن ما بين1999 2004، والتي يمكن وصفها بحقبة الخصوبة، فقد شهدت إصدار مجلس الأمن لـ 26 قرارا كان أغلبها 7 قرارات في سنة 1999 و5 قرارات عن سنة 2003 و4 قرارات عن كل سنة في 2000و 2001 و3 قرارات عن كل سنة 2002 و 2004، وهو التاريخ المصادف لعمل المبعوث الشخصي جيمس بيكر وخطة الإطار
أما الحقبة الثالثة فهي الممتدة من سنة 2007 إلى الآن، بمعدل قرار عن كل سنة بعد سنة 2006 و2007، بقرارين عن كل سنة، وهي فترة المفاوضات والبحث عن الحل السياسي المتوافق عليه
ثانيا: مميزات القرار الأخير 2152 لمجلس الأمن ومضمونه
تضمن قرار مجلس الأمن حول الصحراء في أبريل 2014 لغة غير معهودة وغير معتدلة ملؤها الوعيد والتهديد، فبعد ديباجة القرار التقليدية التي يتم عادة سرد إطار وضع الأمم المتحدة يدها على الملف والتذكير بأهم النقط أبرز المحطات وجهود الأطراف. فإن ما ميز القرار هو استعمال لغة خشنة استهلها بكون الصحراء موجودة منذ 1963 في قائمة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، وأردف القرار أن جهود المنظمة الدولية ستظل تبذلها حتى تحديد وضعها النهائي. وبعده انتقل إلى حث الأطراف على ضرورة إحراز تقدم عاجل والعمل بجدية بشأن المسألتين الأساسيتين الواردتين في توجيهات مجلس الأمن: الفحوى التوصل إلى حل سياسي وأن الشكل هو تقرير المصير، تحت طائلة إشراك مجلس الأمن في عملية استعراض للإطار الذي قدمه لعملية التفاوض الذي انطلق منذ ابريل 2007 في حالة حدوث تقدم إلى غاية أبريل 2015
وبعده انتقل القرار إلى الخوض في مسألة حقوق الإنسان والسجال الذي يدور حولها والاتهامات المتبادلة بين المغرب والبوليساريو ، مشيرا إلى أن الهدف النهائي هو "تحقيق رصد مستقل ومحايد لحقوق الإنسان يغطي كل من الإقليم والمخيمات". وأن التعبئة المؤهلة في حالة الجمود السياسي لتوفير المعلومات المستقلة عن الحالة عن أرض الواقع إلى مجلس الأمن والأمانة العامة والمجتمع الدولي. و طلب إلى الأمين العام أن يقدم بانتظام إحاطات إلى مجلس الأمن عن حالة المفاوضات "مرتين في السنة" على الأقل، وعن التحديات التي تواجهها عملية التعبئة والخطوات المتبعة للتصدي لها
ثالثا: تفاعل الأطراف مع قرار مجلس الأمن 2152
بالرغم من صخب المحادثات والنقاشات وتعدد اللقاءات والمشاورات التي تشهدها أروقة ودهاليز ومكاتب مقر الأمم المتحدة قبيل المصادقة على أي قرار، والتوفيق بين مختلف الآراء و الإرادات المتدخلة، وهي أعضاء مجلس الأمن لإيجاد صيغة توافقية قبل المناقشة والتصويت. فإنه عادة ما تنطلي وتختفي بين اللغة والأسلوب المستعمل أهداف وغايات سياسية، قد لا تسعف القراءة الفورية غير المتأنية ودون الاستعانة بالخبراء وأهل الاختصاص من الكشف عنها في وقتها وحينها. وهو المأزق الذي سقطت فيه الدبلوماسية المغربية في أكثر من مرة، إذ لا تدرك المصائد والفخاخ إلا بعد فوات الأوان، يكون فيه حبر التوقيع المذيل به القرار قد جف
.
وهو نفس الموقف الذي وجد فيه المغرب بعد صدور القرار عدد 2152 في 29 من أبريل من السنة الماضية 2014. وسارع بعد الاحتفال به إلى رفض الإيحاءات الواضحة فيه "تغيير في إطار بحث النزاع" والمرموز فيه "الاستعمار" تحقيق رصد مستقل ومحايد لحقوق الإنسان وفي مقابل الحسرة المغربية، فإن آمال البوليساريو المعقودة على القرار تجاوزت ألفاظه ومعانيه وفسرته تفسيرا وتأويلا طوباويا، وسوقت للاجئي المخيمات نصرا قريبا، موعده يحل في أبريل 2015. وإن لم يكن الموعد حاسما، فهو فاصل وقطيعة بين السلام والحرب، فهو تاريخ تريده إقرار مجلس الأمن باستفتاء، أو استئنافها للحرب والقتال ضد المغرب
المغرب: والحكم الذاتي
بعد إن أدرك المغرب خطورة ما يشكله القرار 2152 على واقع حيازته وممارسة سيادته على الإقليم، بمحاولات القرار الترويج لتطبيع عدم شرعية تلك السيادة، وتبريرها تحت وصف وطابع المدير بحكم الاستعمار، وهو النقل الحرفي والمعنى المطابق لمرافعات البوليساريو والجزائر وثلة من الدول الإفريقية وفي أمريكا الجنوبية، و بعد أن استوعب المغرب ما يشكله ذلك من تبخيس وعدم اعتبار لآلياته الوطنية المشتغلة بتعزيز حقوق الإنسان والنهوض بها وعدم الاكتراث لما يتوفر عليه من قواعد قانونية، فإنه انتفض ورفض إجراء أي تغيير في الإطار القانوني الحالي لنظر مجلس الأمن، من الفصل السادس إلى السابع ورفض أي تغيير في ولاية بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان أو شيء آخر خارج نطاق مهمتها الحالية بمراقبة وقف إطلاق النار، طبقا للفقرة 68 من القرار 619، التي تنص على أن وجود البعثة مازال ضروريا للحفاظ على وقف إطلاق النار في الصحراء، وهي وظيفتها الحالية لا غير
ورفض تبعا لذلك استقبال المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلا بشرط تلقيه كتابا توضيحيا من مجلس يحدد بدقة نطاق وحدود مهامه واختصاصه، التي يرى المغرب أنه تجاوزها واعتدى على اختصاصات ليست من صميم عمله وتندرج خارج دائرة مهامه وينزلق عن قصد وبسوء نية بالنزاع عبر مغالطات خطيرة لتكييفه أنه استعمار وأن المغرب دولة محتلة، وهو الرفض الصريح الذي لا يخفيه المغرب، فقد صدر عن وزير خارجية المغرب في العرض الذي قدمه في الاجتماع المشترك للجنتي الشؤون الخارجية والدفاع الوطني بمجلس النواب ومجلس المستشارين في 10 من يوليوز من السنة الماضية 2014، وأكده الملك في خطاب السادس من نونبر 2014، حيث قال"…بصفتي الضامن لاستقلال البلاد، والضامن لوحدتها الترابية، فان من واجبي تحديد المفاهيم والمسؤوليات في التعامل مع الأمم المتحدة والتعبير عن رفض المغرب للمغالطات والانزلاقات التي تعرفها هذه القضية
كما أن المغرب حدد سقفا نهائيا لتنازلاته، التي لن تتعدى في أكثر الأحوال مقترحه وعرضه بالحكم الذاتي أو لا شيء. فهو يعتبر الصحراء جزء لا يتجزأ من المغرب، وبتعبير الملك، فالمغرب في صحرائه والصحراء في مغربها. إلا أن قبول المغرب بعودة مسؤولي الأمم المتحدة دون أن يحدد موضوع وطبيعة ضمانات الحياد التي تلقاها من الأمين العام للأمم المتحدة عن ذلك، ودون معرفة دقيقة لمدى قبول الأمين العام بملاحظاته الكتابية من عدمها وكذا مناسبة زيارة روس المرتقبة ومكان استقباله، ونوع الشخصيات والمنظمات والجمعيات المطلوبة للقائها قبل تقريره في أبريل 2015 هي مؤشرات على مدى انصياعه للملاحظات المغربية أو فقط مناورة يؤسس بها الشرعية لتقريره على شكل صك اتهام للمغرب. فهل تكون الديبلوماسية المغربية أخطأت ثانية في قبول استئناف التعامل معه في وقت يعتبر الخطأ غير مسموح به؟
وبالرغم من قبول المغرب أخيرا باستئناف التعامل مع مسؤولي الأمم المتحدة بضمان الأمين العام للحياد في مكالمة هاتفية مع الملك، حسب الصحافة المغربية ووزير خارجيته. فإن ذلك لا يفك من لغز أبريل في شيء، بالنظر إلى كون سابقة مع نفس المبعوث سنة 2012، حيث سحب المغرب الثقة منه، وعاد للتعامل معه بنفس الطريق الحالية، مكالمة الأمين العام مع الملك، دون أن يلتزم بالحياد حسب المغرب. فهل سيتكرر نفس السيناريو يا ترى؟ وهل يلدغ المغرب من نفس الجحر مرتين؟ أم لقن المغرب لروس الدرس؟ شخصيا لا أظن. سيحل روس بالمغرب لإعداد التقرير وهو مرحب به، حسب وزير الخارجية المغربي. فكيف سيكون تقريره؟ هل سيكيل فيه تهما للمغرب؟ هل سيضمن فيه أن المغرب يتسبب في تعطيل المفاوضات؟ هل سيطلب من مجلس الأمن التدخل لفرض حل على الأطراف؟ هل سيكون الاستفتاء؟ هل سيوصي ويطلب بتوسيع مهمة المينورسو لتشمل حقوق الإنسان؟ هل سيقترح آلية أخرى لذلك؟ هل سيقر بمسؤولية الجزائر القانونية تجاه اللاجئين؟ هي أسئلة تجعل التقرير المنتظر استثنائي
كما دعا مجلس الأمن في قراره الأخير 2152، الأطراف إلى التسليم بضرورة إحراز تقدم عاجل في المفاوضات من أجل الوصول إلى حل سياسي متوافق عليه ويقبله الطرفان، وذلك قبل ابريل 2015 موعد مراجعته السنوية والدورية للحالة في الصحراء. واعتبر أن عدم إحراز تقدم قبل الأجل المحدد يجعل الوقت قد حان لإشراك مجلس الأمن في عملية استعراض شاملة للإطار الذي حدده منذ أبريل 2007 بمقتضى القرار 1715 لعملية التفاوض. وهو ما جعل من الموعد المقبل يكتسي أهمية خاصة، جعله البعض حاسم، البوليساريو والجزائر. ويراه المغرب بالهام، بتعبير وزير خارجيته صلاح الدين مزوار
ويبدو أن ما قطعه وحدد مجلسه الأمن على نفسه وهو ينشد استفزاز وتحريض وإرغام الأطراف للتقدم في المفاوضات قبل ابريل 2015، و كذا القرارات التي اتخذها الأمين العام عقب وغذاة ذلك منها، تعيين خوسيه راموس هورتا، رئيسا لفريق مستقل ورفيع المستوى لإعادة النظر في عمليات السلام، منها نزاع الصحراء، والتي تشرف عليها الأمم المتحدة واقتراح خطة ملائمة وكذا تعيين كيم بولدوك رئيسة للمينورسو وما لذلك من رمزية فالأول يعتبر رئيسا سابقا لتيمور الشرقية والثانية مدافعة عن حقوق الإنسان
البوليساريو وموعد أبريل المقبل
اعتقدت قيادة جبهة البوليساريو وإعلامها وبعضا من قادتها والموالون المؤيدون لها بجعل موعد أبريل القادم 2015 بالحاسم، ودليلها في ذلك ما تضمنه القرار ألأممي من مصطلحات يدعم بها مركزه ويعضد بها موقفه منها "إقليم لا يتمتع بالحكم الذاتي" ولكون القرار يساوي بينه كمنظمة انفصالية تعتمد على العمل العسكري والسياسي وبين المغرب كدولة مستقلة وذات سيادة على الإقليم وفي المخيمات واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان المغربي يكون الوقت قد حان لإشراك مجلس الأمن
وزاد من تعاظم تفاؤل البوليساريو انتقاد المغرب الصريح والرسمي، ومن أعلى سلطة سياسية في الدولة لمضمون القرار والاعتراض عليه وتعليقه التعامل مع المسؤولين الأمميين وخاصة المبعوث الشخصي للأمين العام كريستوفر روس والمبعوث الخاص رئيسة المينورسو الكندية كيم بولدوك قبل أن يتلقى ويتسلم جوابا واضحا للمذكرة التوضيحية الموجهة من قبله إلى الأمين العام منذ يونيو الماضي
وهو ما جعل البوليساريو يصف المغرب بالمرتد على الشرعية الدولية. ويهدد بالعودة إلي السلاح والقتال في أكثر من تصريح ومقابلة تلفزية لرئيسه ولد عبد العزيز، كما قام بمناورتين عسكريتين خلال شهري نونبر ودجنبر 2014. خاصة بعد خطاب ملك المغرب، الذي أعلن أن سيادة المغرب على كامل أراضيه ثابتة غير قابل للتصرف والمساومة وان مبادرة الحكم الذاتي هي أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب في إطار المفاوضات كحل نهائي للنزاع
...3/1
Commentaire