بدأ اسم مدينة "جزائر بني مزغنة" في الظهور في النصوص الجغرافية والتاريخية في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري و العاشر (10 م)، عندما كتب عنها الرحالة-التاجر الشيعي ابن حوقل النصيبي (ت بعد 367/977م) في كتابه الجغرافي الوصفي الموسوم بــ" صورة الأرض" :
"وجزائر بني مزغناي مدينة عليها سور على سيف البحر أيضا، وفيها أسواق كثيرة، ولها عيون على البحر طيبة وشربهم منها، ولها بادية كبيرة وجبال فيها من البربر كثرة، وأكثر أموالهم المواشي من البقر والغنم سائمة في الجبال، ولهم من العسل ما يجهز عنهم والسمن والتين ما يجهز ويجلب إلى القيروان وغيرها. ولها جزيرة في البحر على رمية سهم منها تحاذيها فإذا نزل بهم عدو لجئوا إليها فكانوا في منعة وأمن ممن يحذرونه ويخافونه"
لقد زار ابن حوقل المنطقة مرتين على الأقل، الأولى في منتصف القرن الرابع الهجري والثانية في نهاية عهد الإمامة الشيعية الفاطمية، أي قبل الزمن الافتراضي لتأسيس المدينة من طرف أمراء صنهاجة بمنطقة التيطري، لكن تأليف الرحلة كان مباشرة بعد تولية بلكين بن زيري ولاية بلاد المغرب لفائدة الإمامة الشيعية بالقاهرة
قرن بعد ابن حوقل، وبالضبط عام 460 هـ/1068م، كتب الجغرافي الأندلسي أبي عبيد البكري تأليف جغرافي هام اعتمادا على "مسالك إفريقية وممالكها" لمحمد بن يوسف بن عبد الله الوراق القيرواني (ت 363هـ/974م) ومعلومات كتابية وشفوية جمعها بطرق مختلفة، بمعنى أنه كتب عن منطقة لم يزرها مطلقا. وهنا نجد التأكيد على مكانة مدينة الجزائر كنهاية بحرية للطريق الرابط بينها وبين مدينة أشير، المعقل التاريخي للزعامة القبلية الصنهاجية :
"ومنها إلى مدينة جزائر بني مزغنى : وهي مدينة جليلة قديمة البنيان، فيها آثار للأول، وآزاج محكمة تدل أنها كانت دار مملكة لسالف الأمم. وصحن دار الملعب فيها قد فرش بحجارة مكونة صغار مثل الفسيفساء، فيها صور الحيوان بأحكم العمل وأبدع صناعة، لم يغيرها تقادم الزمان ولا تعاقب القرون، ولها أسواق ومسجد جامع. وكانت بمدينة مزغنى كنيسة عظيمة، بقي منها جدار مدير من الشرق إلى الغرب، وهي اليوم قبلة الشريعة للعيدين تفصص كثير من النقوش والصور، ومرساها مأمون، له عين عذبة، يقصد إليه السفن من إفريقية والأندلس وغيرهما"
كماانه تجدر أشارة ان الكاتب الإباضي أبي العباس الدرجيني (ت670هـ/1271م) إلى وجود قبر ترجمان الأئمة الرستميين أبي سهل الفارسي بـ"جزائر بني مزغنان" الذي يكون قد دفن هناك في بداية القرن 4 هـ/10 م ما يؤكد فكرة وجود مدينة القبيلة "بني مزغنى" قبل مدينة الإمارة الصنهاجية الزيرية في النصف الثاني من نفس القرن.
لقد ظهر اسم الجزائر بدون قبيلة بني مزغنة في القرن5هــ/11م، ثم خصوصا في كتابات القرن 8هـ/14م التي نسبت عملية تجديد أو بناء المدينة إلى الأمير الزيري بلكين وهذا اعتمادا بالأساس على النص المتأخر الضائع لابن حماد الصنهاجي (ت628 هـ/1230م) الموسوم بــ"النبذة المحتاجة في أخبار ملوك صنهاجة بإفريقية وبجاية". فقد أشار عبد الله بن بلكين (ت 483هـ/1090م)، آخر الملوك التلكاتيين بغرناطة إلى "الجزائر" في مذكراته الشخصية التي تحدث فيها كذلك عن مصير بعض ملوك الطوائف خصوصا بني صمادح اللاجئين إلى هذه المدينة بعد نجاح المرابطين في فرض سلطتهم على الأندلس
Auteurs
علاوة عمارة
كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الأمير عبد القادر، قسنطينة.
زينب موساوي
كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الأمير عبد القادر، قسنطينة.
"وجزائر بني مزغناي مدينة عليها سور على سيف البحر أيضا، وفيها أسواق كثيرة، ولها عيون على البحر طيبة وشربهم منها، ولها بادية كبيرة وجبال فيها من البربر كثرة، وأكثر أموالهم المواشي من البقر والغنم سائمة في الجبال، ولهم من العسل ما يجهز عنهم والسمن والتين ما يجهز ويجلب إلى القيروان وغيرها. ولها جزيرة في البحر على رمية سهم منها تحاذيها فإذا نزل بهم عدو لجئوا إليها فكانوا في منعة وأمن ممن يحذرونه ويخافونه"
لقد زار ابن حوقل المنطقة مرتين على الأقل، الأولى في منتصف القرن الرابع الهجري والثانية في نهاية عهد الإمامة الشيعية الفاطمية، أي قبل الزمن الافتراضي لتأسيس المدينة من طرف أمراء صنهاجة بمنطقة التيطري، لكن تأليف الرحلة كان مباشرة بعد تولية بلكين بن زيري ولاية بلاد المغرب لفائدة الإمامة الشيعية بالقاهرة
قرن بعد ابن حوقل، وبالضبط عام 460 هـ/1068م، كتب الجغرافي الأندلسي أبي عبيد البكري تأليف جغرافي هام اعتمادا على "مسالك إفريقية وممالكها" لمحمد بن يوسف بن عبد الله الوراق القيرواني (ت 363هـ/974م) ومعلومات كتابية وشفوية جمعها بطرق مختلفة، بمعنى أنه كتب عن منطقة لم يزرها مطلقا. وهنا نجد التأكيد على مكانة مدينة الجزائر كنهاية بحرية للطريق الرابط بينها وبين مدينة أشير، المعقل التاريخي للزعامة القبلية الصنهاجية :
"ومنها إلى مدينة جزائر بني مزغنى : وهي مدينة جليلة قديمة البنيان، فيها آثار للأول، وآزاج محكمة تدل أنها كانت دار مملكة لسالف الأمم. وصحن دار الملعب فيها قد فرش بحجارة مكونة صغار مثل الفسيفساء، فيها صور الحيوان بأحكم العمل وأبدع صناعة، لم يغيرها تقادم الزمان ولا تعاقب القرون، ولها أسواق ومسجد جامع. وكانت بمدينة مزغنى كنيسة عظيمة، بقي منها جدار مدير من الشرق إلى الغرب، وهي اليوم قبلة الشريعة للعيدين تفصص كثير من النقوش والصور، ومرساها مأمون، له عين عذبة، يقصد إليه السفن من إفريقية والأندلس وغيرهما"
كماانه تجدر أشارة ان الكاتب الإباضي أبي العباس الدرجيني (ت670هـ/1271م) إلى وجود قبر ترجمان الأئمة الرستميين أبي سهل الفارسي بـ"جزائر بني مزغنان" الذي يكون قد دفن هناك في بداية القرن 4 هـ/10 م ما يؤكد فكرة وجود مدينة القبيلة "بني مزغنى" قبل مدينة الإمارة الصنهاجية الزيرية في النصف الثاني من نفس القرن.
لقد ظهر اسم الجزائر بدون قبيلة بني مزغنة في القرن5هــ/11م، ثم خصوصا في كتابات القرن 8هـ/14م التي نسبت عملية تجديد أو بناء المدينة إلى الأمير الزيري بلكين وهذا اعتمادا بالأساس على النص المتأخر الضائع لابن حماد الصنهاجي (ت628 هـ/1230م) الموسوم بــ"النبذة المحتاجة في أخبار ملوك صنهاجة بإفريقية وبجاية". فقد أشار عبد الله بن بلكين (ت 483هـ/1090م)، آخر الملوك التلكاتيين بغرناطة إلى "الجزائر" في مذكراته الشخصية التي تحدث فيها كذلك عن مصير بعض ملوك الطوائف خصوصا بني صمادح اللاجئين إلى هذه المدينة بعد نجاح المرابطين في فرض سلطتهم على الأندلس
Auteurs
علاوة عمارة
كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الأمير عبد القادر، قسنطينة.
زينب موساوي
كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الأمير عبد القادر، قسنطينة.