الفلسفة الماركسية ضرورة حيوية لفهم عالمنا وسبل النضال لتغييره
خليل اندراوس
2021 / 6 / 5
الحوار المتمدن
Afin de bien comprendre ce qui se passe autour de nous, dans la nature et la société, nous devons être guidés par un système intellectuel scientifique, en regardant la vie, le monde dans son ensemble et notre place en tant qu’individus et peuples dans ce monde.
L’importance de développer un système intellectuel scientifique pour nous guider exige de l’homme non seulement qu’il clarifie et comprenne les causes des événements qui nous entourent, mais aussi, et surtout, qu’il détermine sa position dans le monde et qu’il influence efficacement ces événements de manière positive, contribuant activement à la lutte nationale contre l’exploitation, le néocolonialisme, la domination capitaliste américaine, la domination et le service du sionisme mondial
كي نفهم فهمًا صحيحًا ما يدور من حولنا، في الطبيعة، والمجتمع، علينا أن نسترشد بنظام فكري علمي، في النظر إلى الحياة، إلى العالم ككل، وإلى مكاننا كأفراد وشعوب في هذا العالم. وأهمية وضع نظام فكري علمي نسترشد به، يلزمان الإنسان ليس فقط توضيح وفهم أسباب الأحداث الدائرة حولنا وحسب بل أيضًا وهذا الأهم، لكي يحدد موقعه في العالم ويؤثر في هذه الأحداث بصورة فعالة إيجابية، مساهمًا نشيطًا في النضال القومي ضد الاستغلال والاستعمار الجديد والهيمنة الأمريكية الرأسمالية، وهيمنة الصهيونية العالمية، وخدمتهما (أي خدمة الرأسمالية والصهيونية) الأنظمة الرجعية عالميًا وخاصة دول الخليج العربي، (لا بل الأمريكي) ومساهمًا نشيطًا في النضال الطبقي على مستوى هذا المجتمع او ذاك وعلى المستوى العالمي.
فمِن أجل أن نبني حياة جديدة بحاجة إلى المعارف الفلسفية أيضًا، بجانب المعارف العلمية الأخرى كحاجتنا إلى الهواء والماء، ومن يدرس الفلسفة، يُنمّي لديه فكرة البحث واستقلال الفكر، والاجتهاد وطرح التساؤل، ويصبح صاحب رؤيا واسعة وعميقة ومتمعنة في كل ما يدور في عالمنا المعاصر. وليس عبثًا أن كلمة "فلسفة" مترجمة عن اللغة اليونانية القديمة تعني حب الحكمة، حب المعرفة.
فالفلسفة هي العلم عن القوانين الأكثر شمولاً لتطور الطبيعة والمجتمع، والتفكير البشري، الوعي الجماعي لهذا المجتمع أو ذاك. ولكنّها -أي الفلسفة- لا تستطيع أن تستغني عن العلوم الأخرى، وهذه بدورها، أي العلوم الأخرى لا تستغني أيضًا عن الفلسفة، فالعلاقة بين العلوم والفلسفة علاقة جدلية مترابطة، ولا تستطيع الفلسفة أن تـُكوّن نظرة تقدمية ثورية طليعية الى المجتمع والعالم إلا حين تعتمد في استنتاجاتها على منجزات العلوم الأخرى.
الفلسفة تعطي للناس مجموعة من نظرات معينة الى العالم، أي أنها تسلحهم بمفاهيم عنه، وهنا تكمن قوتها الهائلة. ولكن النظرات والمواقف والمفاهيم عن العالم تختلف عند الأفراد ومختلف فئات وطبقات المجتمع فلدى البعض قد تكون علمية وتقدمية، ولدى البعض الآخر، من منطلق مصلحته في الحفاظ على الوضع القائم، منافية للعلم، بل ورجعيّة. مثلاً، لو أخذنا مسائل فلسفية مثل المسائل المتعلقة بمعنى الحياة، والسعادة والحرية وما إلى ذلك، لوجدنا فهمها يختلف بالنسبة لمن يناضل في سبيل حرية وسعادة الشعوب، وبالنسبة لمن يضطهد الشعوب، فالمناضلون ضد الاستعمار والامبريالية يفهمون الحرية والسعادة بصورة مغايرة لفهم الإمبرياليين والمستعمرين.
إن الفهم المختلف للمسائل الفلسفية يتوقف، قبل كل شيء، على الوضع الذي يشغله هؤلاء وأولئك الناس في الحياة وفي المجتمع. ففي المجتمع الذي تكون فيه طبقات وفئات اجتماعية مختلفة تتصارع فيما بينها، تكون النظرات الفلسفية، كما يبيّن التاريخ، مختلفة أيضًا.
لذا يستحيل أن تكون في المجتمع الطبقي فلسفة واحدة، نظرة واحدة إلى العالم بالنسبة للمظلومين والظالمين للمستـَعمِر والمـُستـَعمَر، للغني والفقير، للعامل وصاحب رأس المال، فالفلسفة لا تستطيع أن تكون محايدة، لأنها تدافع دومًا عن مصالح الطبقات والفئات التي تخدمها وتدافع عنها، من هنا فأي فلسفة هي دائمًا طبقية، حزبية.
فالماركسية سلاح الطبقة العاملة، ليس هناك من نضال مُظفر بدون فلسفة صادقة والفلسفة الحقيقية، والتي تبقى وتكوّن المعرفة الانسانية عبر التاريخ هي تلك الفلسفة التي لها صلة بالواقع الانساني والتي تستند، وتستفيد من خلال تطوّر التجربة الانسانية، والتطوّر التاريخي للمجتمع والحضارة خلال مئات السنين العابرة وواقع الحياة المعاصر. وهي تلك الفلسفة التي تستند على العلم والثقافة الانسانية ومنطلقة من واقع الحياة. وبعيدة كل البعد عن اللعب بالأفكار أو التي تعيش في عالم الخيال.
لقد حارب الفيلسوف الفرنسي الكبير ديكارت هذا اللعب الفوضوي والغامض، والخطر الذي انتهت اليه الفلسفة على يد بعض الفلاسفة، فوصف اشباه الفلاسفة بقوله "يسمح لهم غموض المبادئ التي يستخدمونها بالحديث عن كل شيء بجرأة نادرة. كما لو كانوا على علم تام بها فإذا بهم يدافعون عن كل ما يقولونه بصددها ضد أمهر أعدائهم وأدقهم. الذي جاء ينازع رجلاً يرى في داخل قبر مظلم" (ديكارت مقالة عن المنهج عام 1637).
وفي عالمنا المعاصر هناك فلسفة مظلمة تخدم الطبقة البرجوازية المسيطرة والسائدة والتي تكرس استمرار سيادة هذه الطبقة والتي قد تدخل الانسانية إلى "قبر مظلم" مثل فوكوياما وفلسفته حول نهاية التاريخ. وهنتنغتون وفلسفته حول صراع الحضارات وفريدمان ونظريته التي تحول مبادئ "السوق الحرة" الى إله يحب ان نصلّي من أجله، وغيرها وغيرها.
ولكن على الطبقة العاملة وكل المتنورين ورجال العلم والثقافة ان تستفيد من التجربة الانسانية وما وصل إليه الفكر الانساني التقدمي والتعمق أكثر فأكثر بالفلسفة العلمية الواضحة والمفيدة تلك التي تحدث عنها الكاتب الروسي جوركي بقوله: "من الخطأ الاعتقاد بأني أسخر من الفلسفة بل أنا حزب لفلسفة تنبعث من الأرض ومن أطوار العمل. فتقوم بدراسة الطبيعة وتسخر قواها في سبيل خدمة الانسان. وأنا أعتقد بأن الفكر مرتبط أشد الارتباط بالعمل ولست نصير الفكر بينما نحن لا نحرّك ساكنًا نجلس أو نرقد بدون عمل". (جوركي "البرجوازيون الصغار – 1931).
(...)

Commentaire